هل ستتخلى السلطات المحلية بـِ ” مولينبيك” عن مبدأ الحياد الدستوري بخصوص حرية ارتداء الحجاب

شمس نيوز – منذ صدور قرار المحكمة الدستورية في قضية مدرسة “فرانسيسكو فيرير” الثانوية في 4 يونيو الماضي، حاول نشطاء من الجاليات المسلمة وأنصار حرية المعتقد واللباس، الضغط بكل الطرق على السلطات من أجل إصدار قرارات و قوانين تضمن للناس حرية اختيار اللباس الذي يريدون، و تسمح لهم بولوج المؤسسات التعليمية و مناصب الشغل في الإدارات العامة بغض النظر عن نوعية لباسهم.


في الحقيقة أصبح الحجاب من المظاهر المألوفة في جميع الأماكن العامة في بلجيكا، سواء في المؤسسات التعليمية أو في الإدارات، ومن هنا ظهرت دعاوى لإصدار قوانين تسمح للمتحجبات من ولوج مناصب الشغل وكراسي الدراسة.
في بلدية “مولونبيك” تجري محادثات لتعديل لوائح العمل داخل إدارة البلدية للترحيب بالنساء المحجبات ابتداءً من شتنبر المقبل، وإذا حدث مثل هذا السيناريو، يمكن أن تحذو البلديات الأخرى حذوه، لكن هذا الأمر لم تتقبله المنظمات العلمانية و اللادينية، و كذا الهيئات السياسية المناهضة للوجود الإسلامي في بلجيكا.

اعتبر أعضاء المجموعة اللادينية (يلاه) هذا التوجه السياسي الجديد هجومًا خطيرًا على مبدأ الحياد الدستوري، وهم يعتبرون السماح بارتداء الحجاب تعديا على الحريات و تسلطا من طرف فئة من الجاليات المسلمة التي تتمتع بالسلطة السياسية، و يعتبرون أن دريعة محاربة البطالة ليست كافية للتنازل عن مبدأ الحياد السياسي.


مجموعة (يلاه) اللادينية تقدم نفسها على ان منظمة تدافع عن المسلمين الملحدين و اللائيكيين، و هذا تناقض لأن المسلم لا يبقى مسلما إذا اعلن عن إلحاده، و تحمل هاته المجموعة أفكارا تضرب في الصميم المعتقدات الإسلامية، وتعتبر أن دخول المرأة في علاقة خارج الزواج و إفطار رمضان بشكل علني عملا بطوليا و تحررا، في حين تعتبر أن المسلمين الذي يتبعون تعاليم الدين الإسلامي الحنيف مجرد متزمتين، يشكلون خطرا على الحريات العامة في بلجيكا، ويسيئون بشدة إلى روح الديمقراطية، ويتركون المجال مفتوحًا أمام الطائفية العرقية والدينية، يقول أحد أعضاء هذه المجموعة: ” لن نتوقف عن تكرارها، الحجاب هو الرمز الظاهر لإيديولوجية حزب الكراهية و هو كراهية للمرأة من عدة نواح.

يبدون أن الملحدين والعلمانيين، لم يعودوا قادرين على تحمل التوجه العام في بلجيكا لإصدار قوانين تسمح للنساء المسلمات بارتداء الحجاب في جميع الأماكن العامة، وللإشارة فقد أعلن حزب الخضر الفلامنكي في بلجيكا، في أواخر سنة 2019 عزمه العمل من أجل صدور مرسوم في البلاد يلغي الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في المدارس الفلامنكية.


وقالت عضوة مجلس الشيوخ البلجيكي عن حزب الخضر “إليزابيث مولمان” في تصريح صحفي: “نعتزم التقدم إلى البرلمان باقتراح لسنّ قانون يلغي الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في المدارس الفلامنكية”، مؤكدة على أن الحظر “يتناقض مع حقوق الإنسان التي يكفلها القانون البلجيكي، والتشريعات الأوروبية”، وأضافت أن من حق كل إنسان ممارسة طقوسه الدينية والتمسك بتعاليم دينه على نحو لا يضر بالآخرين ولا ينتهك حقوقهم، و”نحن نعتقد أن ارتداء الحجاب أمرٌ لا ينتهك حقوق الآخرين ولا ينال من حريتهم”، مؤكدة على وجود تباين بين ارتداء الحجاب الذي يغطي الشعر وبين “البرقع” الذي يغطي كامل الوجه، وقالت: “نحن نسعى لرفع الحظر عن ارتداء الحجاب الذي يغطي الشعر”.


موضوع حرية ارتداء الحجاب هو موضوع شائك أثار الجدل في بلجيكا منذ سنوات، و من اهم محطات هذا الملف، تأييد محكمة التمييز في مدينة “لييج” البلجيكية في التاسع من شهر نوفمبر من العام 2015 قرار مجلس بلدية منطقة “فيرفيرس”، بخصوص حظر الحجاب في مدارس البلدية، وأوضحت المحكمة في حيثية قرارها أن قرار الحظر لا يستهدف دينا أو مجموعة معينة، وإنما هو قرار عام و لا يعد تمييز.


هذا ومن الجدير بالذكر أن المادة 19 من الدستور البلجيكي تضمن الحرية الدينية، كما تؤكد المادة 24 من الدستور على حيادية التعليم الرسمي، ويذكر أيضاً أن المادة 14 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تفرض على الدول الموقعة احترام حق الطفل في حرية التفكير والمعتقد الديني.

في الواقع لا يبدو أن حرية ارتداء الحجاب ستكون ممكنة قريبا في كل ارجاء بلجيكا، خاصة مع وجود مسلمين يناضلون من اجل منع ارتداء الحجاب في الإدارات والأماكن العامة، والغريب في الأمر أن بعض السياسيين والأحزاب السياسية في بلجيكا أصبحوا يدافعون عن الحجاب ضد أشخاص يعتبرون مسلمين رغم أنهم مسلمون فقط بالاسم والأصل فقط.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى