
سر دام ثلاثة عقود: أم مغربية تقتل إبنتها ذات 4 سنوات عام 1987 بفرنسا وترميها على الطريق السيار
سنتين بعد تحديد هوية الفتاة الصغيرة، والتي عثر على جثتها في جانب الطريق السريع سنة 1987 وتوقيف واستجواب والديها، تم إطلاق سراح الأم شهر يونيو الماضي. إليكم تفاصيل هذه المأساة الحزينة.
قبل 33 سنة بالضبط، عُثر على جثة الفتاة ملقية في هوة جانب الطريق السريع (A10) قرب مدينة بلوا (إقليم لوار إي شير). وظل لغز وفاة الصغيرة عالقا بأذهان رجال الشرطة حيث لم يتمكنوا من فكه إلا بعد مرور 31 سنة. ففي سنة 2018، أخيرا، تمكنت أجهزة الشرطة من تحديد هوية الفقيدة وتوقيف والديها. ولم يتردد الوالدان في اتهام بعضهما البعض، حيث وُجهت لهم تهمة “القتل، و ممارسة العنف الجسدي على قاصر وإخفاء جثة”، وتم كذلك الزج بهما في السجن.
وخرج والد الضحية، أحمد، من السجن في يونيو من سنة 2019 بعد بلوغه سن ال66، مؤكدا براءته من التهم الموجهة إليه. ويدعي محامي أحمد، السيد فرانك بيرتون، أن “الأم هي من افتعلت الجرم وحدها”. وحسب المعلومات التي تحصلت عليها شمس نيوز من مصادر صحفية موثوقة، تم إطلاق سراح الأم المسماة حليمة، والتي تبلغ الآن من العمر 66 سنة، شهر يونيو المنصرم ووضعها في محل سكناها تحت المراقبة الإلكترونية. ورفض محامي الأخيرة، السيد أنطوان فاي، الإدلاء بأي تصريحات رغم محاولة الصحافة استجوابه. وينتظر حاليا الأبوين محاكمتهما وهم حرين تحت المراقبة القضائية.
ومكنت مختلف الإستجوابات التي قامت بها الشرطة مع الأبوين منذ سنتين ـ واللذين يدعيان البراءة ـ وكذلك مع إخوة الضحية (امرأتين وأربع رجال) ـ بصفتهم أطراف مدنية في القضية ـ من فك لغز المأساة التي وقعت في ليلة ظلماء شهر غشت من سنة 1987 ورفع الستار عن ثلاثة عقود من الأسرار والغموض.

كان من المفترض أن يَضُبَّ أحمد، في الليلة العاشرة لغشت سنة 1987، أمتعته ويسافر مع عائلته إلى المغرب. فوقت الإنطلاقة لم يكن ببعيد والطريق إلى بلده الأم شاق ومتعب. ولكن هيهات! فها هو ذا، كما لو أنك تراه، يشق طريقه بخطى مثتاقلة في شوارع بلدية بيتو (إقليم هوت دو سين) نحو مركز الشرطة.
اقرأ أيضا: لكشف عن هويات الفرنسيين الذين قتلوا بالنيجر
فقد وجد، قبل دقائق قليلة، عندما دخل منزله، وهو آنذاك أب لثلاث فتيات، ابنته الأصغر، إناس، ميتة، ممددة على أريكة. وشرحت له زوجته أن ابنتهم، البالغة من العمر 4 سنوات، سقطت من الدرج الذي يربط غرفتها بالمرحاض. ولكن، وبسرعة، باحت الشقيقتين (البالغتين من العمر آنذاك 6 و8 سنوات) بحقيقة ما حدث للأب: إن الأم هي من دفعت إناس من على الدرج “قائلة أنها لا تعرف كيفية النزول إلى المرحاض وحدها”.
ربما يكون شعر أحمد بالذهول من اعتراف بناته. لكنه كان يعرف منذ شهور… كان يعرف العنف الذي تتعرض له إناس الصغيرة منذ وصولها إلى فرنسا في عام 1985. ورأى الضربات وآثار الجروح العميقة. بل، وفي إحدى الأمسيات عندما عاد إلى المنزل من العمل، كانت علامة حرق من مكواة على ظهر الفتاة البريئة. عندها قالت الزوجة أنها مجرد “حادثة، فقد وقعت الصغيرة عليها”.
لذلك فإن الأب يعرف، لكنه لم يقل أي شيء قط. ويعتذر الأخير قائلا أنه لم يعترف “بدافع الخوف”. حيث يخاف من زوجته لأنه لا يمكن التنبؤ بها ولأنها عنيفة، وبشكل خاص مع إيناس. “لا أستطيع فعل شيء. لا أستطيع أن أخبر الشرطة. أنا خائف على الأطفال. أخشى أن أفقدهم”. قال أحمد في قرارة نفسه قبل أن يستدير ويعود أدراجه إلى المنزل. ومنذ ذلك الحين، وخلال الثلاثة عقود المنصرمة، بقي السر مدفونا في ذكريات وقلوب أفراد العائلة.

إلى أن أعطى “سحر” الحمض النووي اسمًا ونسبًا لـ “فتاة الطريق السريع (A10)”. حيث تم أخذ الحمض النووي لشاب متورط في قضية عنف في عام 2017. وتمت مقارنة هذا الملف الجيني مع أثر تم اكتشافه في عام 1987 على غطاء الفتاة. استنتاجات الخبراء: هذا الشاب هو واحد من الأولاد الأربعة لعائلة أحمد. وشقيق الفتاة. ولهذا فقد تمكن رجال الشرطة من فك لغز الجريمة والتعرف على اسم الضحية: إناس.
وتذكر الأخت الكبيرة ما وقع تلك الليلة. حيث أكدت أن أبويها هلعا بوضع ابنتهما الميتة في غطاء وركبا في سيارتهم من نوع (Citroën BX beige dorée). بعد كلومترات قليلة على الطريق السيار، تقول الأم أن إناس استفاقت من غيبوبتها وقالت “ماما” قبل أن يتوفاها الله. بعد ذلك رما الأبوين فلذة كبدهما وأكملا الطريق كأن شيئا لم يقع. وتضيف أختها الكبيرة أن تلك كانت آخر مرة رأت فيها أختها، حيث أغمضت عيناها ولم تفتحهما إلى حين وصولها للمغرب.