ديجون : هدوء حذر بعد اشتباكات عنيفة بين شيشانيين و أفراد من أصول مغاربية

عاشت مدينة “غريسلي” التابعة لإقليم (ديجون) بالشمال الفرنسي على وقع مشاجرات و معارك عنيفة بين مجموعة من أفراد الجاليات المغاربية و الجالية الشيشانية، و استمر تبادل العنف بين الفريقين لما يزيد عن أربعة ليالي، فيما يشبه حربا أهلية، حيث قام شباب من الفريقين بإشعال النيران في صناديق القمامة، كما عمد البعض منهم إلى إحراق عدد من السيارات ، الأمر الذي لم تَسْتسِغْه السلطات الأمنية الفرنسية.


أسفرت هذه المعارك لحد الآن عن إصابة 12 شخص إصابة اثنين منهم خطيرة، كما تم إلقاء القبض لحد الآن على ستة أشخاص.


توجه الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية “لوران نونير” أمس الثلاثاء للوقوف على تطورات الوضع الأمني بالمنطقة، كما تم نقل تعزيزات أمنية مكثفة نحو المنطقة ، بعد تعالي الاحتجاجات من طرف الساكنة منددين بتساهل رجال الأمن ، وعدم تدخلهم بشكل حازم في هذه الأحداث، من جانبه دافع وزير الداخلية (كريستوف كاستنر) عن رجال الأمن و قال بأنهم قاموا بما يلزم .
مدينة “غريسلي” هي مدينة صغيرة و الحي الذي وقعت فيه هذه الأحداث لا يتعدى عدد سكانه 8.500 نسمة، و رجال الأمن العاملون بالمنطقة لا يتجاوز عددهم في العادة العشرين شخص، و لذلك فرجال الشرطة الذين واجهوا هذه المعارك في الليلة الأولى لم يكن يتجاوز عددهم العشرة أفراد، مما استدعى طلب تعزيزات أمنية من قوات الأمن الجمهورية ، و على حد قول عمدة المدينة “فرانسوا بريسمان” في تصريح لجريدة (LIBERATION) فالتعزيزات الأمنية جاءت بعد فوات الأوان ، و يدافع عمدة المدينة بشدة من أجل بقاء هاته التعزيزات المتمثلة في 110 فرد من رجال الدرك المتنقلين بالإضافة إلى أعضاء من فرقة مكافحة الشغب لخمسة عشر يوما إضافيا، خاصة و أن هذه المعارك جاءت متزامنة مع مسيرات خاضها العاملون في القطاع الصحي ، ضف إلى ذلك المظاهرات المنددة بالعنصرية التي اجتاحت كامل التراب الفرنسي.

سبب نشوب هذه المعارك هو أن شاب من أصول شيشانية عمره 16 سنة تعرض يوم الأربعاء الماضي ، لاعتداء جسدي عنيف في تصفية حسابات تتعلق بتجارة المخدرات ، وقال “إريك ماثيز” ، المدعي العام في ديجون:” إن الشاب تعرض للهجوم والتهديد في سياق قضية تهريب مخدرات”، بعد هذا الاعتداء وجَّه أفراد من عائلة الضحية و أفراد من الجالية الشيشانية دعوة إلى الشيشانيين المقيمين في المناطق القريبة للتدخل و مساندة ابن وطنهم ، فالتحق ما لا يقل عن 200 شيشاني إلى ديجون قادمين من خارج الحدود الفرنسية خاصة من المانيا ، و بهذا الصدد صرح “فرانسوا ريبسامين” عمدة المدينة وقال :”انتقل ما يصل إلى 200 شيشاني إلى ديجون”، لكن المحافظ “برنارد شميلتز” أنكر هذا الخبر وقال: “لم نتعرف على أي وجود خارجي ، إنهم أناس من ديجون”، أما المدعي العام “إريك ماثيس” ، فاعتبر هذا التصرف الطائفي للشيشانيين تهديد حقيقي للأمن وانحراف مجتمعي وعنصري.

الشرطة الفرنسية اغتنمت هاته الأحداث للرد على الأصوات التي تعالت مؤخرا تنديدا بعنف رجال الشرطة ، وأكدت نقابات الشرطة أن الأحداث في هذه المدينة ، سببها هو محدودية الوسائل المتوفرة لرجال الشرطة، وبهذا الخصوص تحدث “ديفيد أوليفييه ريفيردي” من تحالف الشرطة الوطنية على القناة التلفزية “BFM” عن ضعف الخدمات المتعلقة برجال الشرطة و قلة الوسائل ، وأكد أن زملائه في ديجون تعرضوا لهجوم بالرصاص الحي، وقال بأن هناك مقطع فيديو نُشر على الشبكات الاجتماعية ، يظهر بوضوح رجال مقنعين مسلحين يحملون مسدسات حقيقية.

مارين لوبان اغتنمت هاته الأحداث لدعوة المجتمع الفرنسي إلى أخذ مواقف معادية للمهاجرين وقالت بأن هذه الفوضى التي عاشتها ديجون أمر غير مقبول تماما ، كما دعت إلى ترتيب عقوبات إدارية على المخالفين قد تصل إلى حد سحب تصاريح الإقامة و ترحيل كل من تبت تورطه في هاته الأحداث، و هذا الكلام ليس غريبا عن “مارين لوبان” فهي تحمل أفكار يمينية و كانت دائما ضد سياسية إدماج الجاليات في المجتمع الفرنسي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى